CABINET Mohamed BRAHIMI , Avocat Bienvenue sur le site de Maitre Mohamed BRAHIMI, Avocat. Vous y trouverez un blog dédié à la pratique judiciaire et à la vulgarisation du droit

جديد قضاء مجلس الدولة ( الجزء الأول)

 Coseil d etat

صدر عن  مجلس الدولة  العددين 19 و 20 من مجلة " مجلة مجلس الدولة " و هي مجلة دورية مختصة في نشر أهم قرارات مجلس الدولة الصادرة عن مختلف غرفه و كذا نشر بحوث و دراسات قانونية  متنوعة . تحتوي هتين المجلتين قرارات هامة أعطت حلا لبعض المسائل القانونية و الإجرائية التي كانت تثير جدلا في أوساط مهنيي القضاء و التي كانت تطبق بشكل مرتبك من طرف بعض الجهات القضائية الإدارية . سنعرض أهم هذه القرارات مع التعليق على بعضها.

1- المنازعات العقارية

1-1- شهر عقود التصرف في  الأراضي الفلاحية

في منشورسابق بعنوان منشور سابق نشر في هذا الموقع تطرقت إلى مسألة إشكالية تجزئة الأراضي الفلاحية . أشرت إلى أنه  يجب ألا يترتب على تحويل هذه الأراضي بأي شكل من الأشكال ( بيع ، هبة ، قسمة ...)  فقدان طابعها الفلاحي أو قابليتها للاستغلال أو تغيير وجهتها الفلاحية. هذه القاعدة نصت عليها عدة قوانين  أهمها القانون رقم  90-25 المؤرخ في 18 نوفمبر 1990 المعدل و المتمم  المتضمن التوجيه العقاري  و القانون رقم 08-16 المؤرخ في 03 أوت 2008  المتضمن التوجيه العقاري. و أما المساحة المرجعية التي يجب احترامها  لقبول  التصرف في أرض فلاحية عن طريق التنازل أو القسمة فقد حددها المرسوم التنفيذي رقم 97-490 المؤرخ في 20 ديسمبر 1997.

 قد يقع أن تصدر الجهة القضائية حكما نهائيا يقضي بقسمة أرض فلاحسة أو أن يحرر موثق عقد بيع أو هبة  انصب على هذا النوع من الأراضي خرقا للنصوص القانونية و التنظيمية  السالفة  الذكر. هذا الحكم أو العقد لا يصبح ناقلا للملكية إلا بعد شهره بالمحافظة العقارية و هذا طبقا لأحكام المادة 793 من القانون المدني . في افتراض  تقديم هذا الحكم أو العقد أمام المحافظ العقاري بغرض استفاء إجراء شهره ، هل يجوز لهذا الأخير رفض تنفيذ هذا الإجراء بحجة أن تجزئة الأرض الفلاحية محل  عقد البيع أو الحكم  القاضي بالقسمة يترتب عليه تغيير وجهتها الفلاحية ؟

عرضت هذه المسألة على مجلس الدولة الذي أعطى لها حلا ملائما في قرارين الأول مؤرخ في 28 مارس 2019 ملف رقم 129178 و الثاني  مؤرخ في 25 ماي 2023 ملف رقم 194236 . وقائع القضية الثانية تتلخص فيما يلي : قام موثق بتحرير عقد بيع حقوق عقارية مشاعة تقدر ب 200 م2 مأخوذة من مساحة أوسع ثم قدم هذا لعقد للمحافظة العقارية بغرض شهره غير أن المحافظ العقاري رفض تنفيذ هذا الإجراء بحجة أن البيع الذي أفرغ في العقد التوثيقي الملتمس شهره سيغير من الوجهة الفلاحية للعقار و من شأنه تشجيع إنشاء تجمعات سكنية  غير نظامية. إثر هذا الرفض الصادر عن المحافظ العقاري طرح المستفيد من عقد البيع  دعوى أمام  المحكمة الإدارية بمستغانم  طلب فيها إلغاء مقرر الرفض مع إلزام المحافظ العقاري بقبول إيداع عقد البيع بغرض الشهر . المحكمة الإدارية استجابت لهذا الطلب فأصدرت حكما مؤرخا في 19 مارس 2019  قضى بإلزام المحافظ العقاري بشهر عقد البيع و إثر الاستئناف الذي رفعه وزير المالية ممثلا من طرف المدير العام للأملاك الوطنية ، أصدر مجلس الدولة القرار المؤرخ في 25 ماي 2023 ملف رقم 194236 قضى بإلغاء حكم المحكمة الإدارية المؤرخ في 19 مارس 2019  و فصلا من جديد  قضى برفض الدعوى الرامية إلى إلزام المحافظ العقاري بشهر عقد البيع  لعدم التأسيس.

طبقا للتشريع الذي يحكم قواعد التصرف و استغلال الأراضي الفلاحية فإن قرار مجلس الدولة المؤرخ في 25 ماي 2023  قضى بأنه لا يجب أن تلحق بالمعاملات العقارية المنصبة على هذه الأراضي  ضررا بقابليتها للاستثمار و ألا تؤدي إلى تغيير وجهتها الفلاحية و ألا تسبب في تكوين أراضي يتعارض وعائها مع مقاييس التوجيه العقاري و هذا   طبقا لأحكام المادة 55 من القانون رقم 90-25  السالف الذكر . اعتبر مجلس الدولة كذلك أن تحويل الملكية العقاري الفلاحية و تجزئتها  يجب أن يتم في إطار المساحة المرجعية  كما هو محدد في المرسوم التنفيذي رقم 97-490  المذكور أعلاه.

تبعا لذلك قضى مجلس الدولة أنه من حق و واجب المحافظ العقاري رفض إيداع  عقد تنازل عن أرض فلاحية بغرض شهره كلما  ترتب عن هذا الإجراء تغيير الوجهة الفلاحية لهذه الأرض.الجدير بالمحافظة أن مجلس الدولة وسع الحالات التي يرفض فيها شهر عقد  تنازل عن أرض فلاحية  إذ مددها إلى حالة التنازل عن قطعة أرض ذات مساحة ضئيلة مقتطعة من مساحة أوسع و بذلك أضفى مجلس الدولة الطابع الشرعي لمذكرة صادرة عن المديرية العامة للأملاك الوطنية مؤرخة في 17 مارس 2016 رقم 03335 أوصت  المحافظين العقاريين بعدم شهر العقود المتضمنة التنازل عن حقوق مشاعة على أراضي فلاحية ذات مساحة ضئيلة .

القضية الأولى التي صدر فيها القرار المؤرخ في 28 مارس 2019  تخص تقريبا نفس الوقائع ( بيع قطعة أرضية ذات مساحة ضئيلة مقدر ب 150 م2 مقتطعة من مساحة أوسع ) و لذلك أعطى لها مجلس الدولة نفس الحل.

1-2- تسليم  سند الملكية عن طريق تحقيق عقاري

قد يكسب شخص عقار مهما كانت طبيعته ( قطعة أرضية ،مسكن ، محل ...)  يحوزه و يستغله  منذ مدة طويل و مع ذلك لا يملك عقد ملكية. عدم حيازة عقد ملكية على عقار يعني أنه لا يمكن  لصاحبه  التنازل عنه بأي شكل من الأشكال (بالبيع أو بالهبة أو بالرهن...)  كون هذا التصرف يتم وجوبا أمام موثق و  يستلزم بالضرورة استظهار عقد ملكية العقار المزمع التنازل عنه. القانون يسمح لهذا الصنف من ملاك العقارات الذين ليس لهم عقود ملكية تسوية وضعيتهم عن طريق إجراء متميز يتمثل في معاينة حق الملكية العقارية و تسليم سندات الملكية  عن طريق تحقيق عقاري و هو الإجراء الذي نص عليه و  نظمه القانون رقم 07-02 المؤرخ في 27 فيفري 2007 و  كذا المرسوم  التنفيذي رقم 08/147 المؤرخ في 19/08/2008.

على شرط أن يكون العقار متواجدا في منطقة  لم تخضع لعمليات  مسح الأراضي فإنه يمكن للشخص الذي يحوز هذا العقار سواء بنفسه أو بواسطة  شخص آخر  أو يحوز سند ملكية  حرر قبل تاريخ 01 مارس 1961 لا يعكس الوضعية العقارية الحالية  أن يطلب من المحافظة العقارية فتح تحقيق عقاري  لمعاينة حق ملكيته و  تسليمه سند الملكية. يجب أن تتوفر في الطالب شروط الحيازة المنصوص عليها في المادة 524 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية و في المادة 817 من القانون المدمي أي أن يكون الشخص حائزا للعقار منذ مدة تزيد  عن 15 سنة و أن تكون هذه الحيازة  هادئة  و مستمرة و واضحة و ظاهرة  لا تشوبها عيوب عدم الاستقرار أو الخفاء أو الإكراه أو الغموض أو اللبس. إذا توصل التحقيق الذي أجراه المحقق العقاري  إلى معاينة حقيقة ملكية الطالب للعقار المتواجد في حيازته ، فإنه يحرر محضر نهائي و على أساسه  يصدر مسئول مصالح الحفظ العقاري  الولائي  مقرر يتعلق بالترقيم العقاري  باسم المالك المعني و يرسل هذا المقرر للمحافظ العقاري المختص إقليميا قصد التنفيذ، و يقوم هذا الأخير  بالترقيم العقاري و ذلك بشهر الحقوق المعاينة أثناء التحقيق العقاري  في السجل العقاري و بعدها  يعد سند الملكية  بغرض تسليمه إلى المعني.

في حالة ما إذا لم يفضي التحقيق العقاري إلى نتيجة أي  في حالة  ما إذا لم  يثبت هذا التحقيق أن طالب سند الملكية لا تتوفر فيه شروط الحيازة ، يقوم مسئول مصالح الحفظ العقاري الولائي بإصدار مقرر رفض الترقيم العقاري يكون مسببا و يكون هذا المقرر قابلا للطعن فيه أمام المحكمة الإدارية في أجل 4 أشهر من تاريخ تبليغه للمعني.

في قراره المؤرخ في 28 فيفري 2019 ملف رثم 128396 دقق مجلس الدولة  إجراءات و شروط  الاستفادة من  سند الملكية في إطار القانون رقم 07-02 السالف الذكر. أولا قضى مجلس الدولة أن سند الملكية الذي يعده المحافظ العقاري بعد التحقيق العقاري هو سند إداري  سواء اعتبر مؤقتا أو نهائيا، و بهذه الصفة يخضع للرقابة القضائية أي لرقابة المحكمة الإدارية .و أما بالنسبة لشروط الاستفادة  من هذا السند فلخصها مجلس الدولة فيما يلي :

- أن يمارس الشخص المعني صاحب الطلب الحيازة على العقار محل المعاينة بمفهوم أحكام القانون المدني بمعنى أن يضع يده  على هذا العقار لمدة لا تقل عن 15 سنة بدون انقطاع طبقا للمادة 827 من القانون المدني  مع مراعاة أحكام المادة 808 من نفس القانون التي تنص على ما يلي : "  لا تقوم الحيازة على عمل يأتيه الغير على مجرد رخصة  أو على عمل يتحمله على سبيل التسامح . و إذا اقترنت الحيازة بإكراه أو حصلت خفية  أو كان فيها التباس فلا يكون لا أثر ).

- يجب أن يكون العقار موضوع طلب  فتح التحقيق العقاري  واقعا في بلدية غير ممسوحة  بمعنى لم تخضع بعد لعمليات المسح العقاري  في ظل أحكام الأمر رقم  74-75  المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 المتعلق بإعداد مسح الأراضي  العام و تأسيس السجل العقاري و أحكام المرسومين رقم 76-62 و رقم 76-63 المؤرخين في 25 مارس 1976 المتعلقين بإجراءات المسح العقاري بتأسيس السجل العقاري .

في الملف الذي فصل فيه  قرار مجلس الدولة المؤرخ في 28 فيفري 2019  ، فإن وقائعه تتلخص في أنه بعد التحقيق العقاري أصدر مدير المحافظة العقارية سند ملكية لصالح حائز عقار و قد تم الطعن بالإلغاء ضد هذا السند أمام المحكمة الإدارية  ببشار على أساس أن المستفيد من هذا السند  لا تتوفر فيه شروط الحيازة غير أن هذه الدعوى رفضت لعدم التأسيس و إثر الاستئناف في هذا الحكم أصدر مجلس الدولة القرار المؤرخ في 28/02/2019  الذي قضى بإلغاء الحكم المستأنف و قضى من جديد بإلغاء سند الملكية   على أساس أنه ثبت من ملف الدعوى أن طالب سند الملكية لا يمارس الحيازة الفعلية و القانونية للعقار موضوع طلب فتح التحقيق كما أن هذا العقار يقع في منطقة خضعت لعملية  المسح العام .

2- الصفقات العمومية

2-1- تقادم ديون المؤسسات العمومية الناتجة عن تنفيذ صفقة عمومية

تطبيقا لأحكام المادة 16 من القانون رقم 84- 17 المؤرخ في 07 جويلية 1984 المتعلق بقوانين المالية ، فإن كل الديون المستحقة للغير من طرف الدولة أو الولاية أو البلدية أو مؤسسة عمومية مستفيدة من إعانات ميزانية التسيير تتقادم و تنقضي نهائيا لفائدة  المؤسسات العمومية المعنية ،عندما لم تدفع هذه الديون في أجل 4 سنوات ابتداء من اليوم الأول للسنة المالية  التي أصبحت فيها مستحقة .  

تبعا لهذا النص ، إذا أغفل المتعامل المتعاقد  طلب تسديد مستحقاته الناتجة على صفقة أو اتفاقية مبرمة مع  إحدى المؤسسات العمومية السالفة الذكر و رفضت هذه الأخيرة تسديدها فلجأ المتعامل إلى المحكمة الإدارية بغرض إلزامها على تسديد مبلغ الدين المستحق ، فإن هذه الدعوى قد ترفض لسقوها بالتقادم طبقا للمادة 16 من القانون رقم 84-17 السالف الذكر.

مسألة تقادم ديون المؤسسات العمومية و شروط تقادم هذه الديون عالجها مجلس الدولة في قرار مؤرخ في 05/04/2018 ملف رقم 123293.  وقائع هذا الملف تتلخص في أنه قامت شركة تجارية بتزويد ولاية قسنطينة بخزائن خشبية لتأثيث نزل تابع للولاية ، و بعد أن أنجزت  الشركة المتعاقدة هذه الخدمة بتسليم البضاعة مقابل وصل تسليم مؤرخ في 11/01/2009  و تحرير فاتورة بهذا الأثاث  مؤرخة في 30/03/2009  ، فإن الولاية أبلغت الشركة  برفضها تسديد مستحقاتها بحجة  أن سعر الوحدة للخزانة المدون في الفاتورة غير مطابق لسعر الوحدة المعروض أثناء جلسة فتح الأضرفة. إثر هذا الرفض رفعت الشركة المتعاقدة خلال سنة 2015 ، أي بعد مضي 6 سنوات من تاريخ تنفيذ الخدمة و إيداع الفاتورة ، دعوى أمام المحكمة الإدارية بقسنطينة التمست فيها إلزام الولاية  بدفع لها  قيمة الأثاث محل الصفقة  غير أن المحكمة الإدارية قضت  بعدم قبول الدعوى لسقوطها بالتقادم و ذلك بعد أن عاينت في حكمها أن الشركة المتعاقدة رفعت دعواها بعد مضي 4 سنوات من تاريخ تحرير الفاتورة المقررة في المادة 16 من القانون رقم 84-17 السالف الذكر .

الشركة المتعاقدة رفعت استئناف ضد الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بقسنطينة و فصلا في هذا  الاستئناف قضى مجلس الدولة في قراره المؤرخ في 05/04/2018  بإلغاء هذا الحكم و القضاء من جديد  بإلزام ولاية قسنطينة  بدفعها للمستأنفة الشركة المتعاقدة مستحقاتها المبينة في الفاتورة المحتج بها. مجلس الدولة سبب قضائه بإلغاء حكم المحكمة الإدارية بقسنطينة مع تمكين الشركة المتعاقدة من مستحقاتها بكون أنه و إن كانت المادة 16 من القانون رقم 84-17 تنص فعلا على أن ديون المؤسسات العمومية تتقادم بأربع سنوات ، فإن المادة 17 من نفس القانون  تستبعد تطبيق هذه المادة  التي تقر التقادم  عندما يتعلق الأمر  بديون لم يتم تسديدها بفعل الإدارة إذ أنها 17  تنص أنه : " لا تطبق أحكام المادة 16 على الديون التي قد لا يتم الأمر بصرفها و دفعها بفعل الإدارة  " .

في القضية التي صدر فيها القرار المؤرخ في 05/04/2018  ، فإن مجلس الدولة عاين أن ولاية قسنطينة أبدت إرادتها الصريحة بعدم  تسديد مبلغ الفاتورة  التي أودعتها لديها الشركة المتعاقدة ، و من ثمة  فلا مجال لتطبيق أحكام المادة 16 من القانون رقم 84-17 التي تنص على التقادم فهذا الدين لا يتقادم . بالنسبة لأحقية الشركة المتعاقدة في المطالبة بتسديد مستحقاتها من حيث الموضوع ، فإن قرار مجلس الدولة طبق قضائه القديم الذي مفاده أن مستحقات المتعامل المتعاقد تصبح قابلة للدفع إذا استظهرت هذه الأخيرة محضر تسليم البضاعة أو الخدمة دون إبداء أي تحفظ من طرف المصلحة المتعاقدة تكون مرفق بالفاتورة أو بالوضعية مؤشر عليها من قبل هذه المصلحة . في الدعوى التي صدر فيها القرار المؤرخ في 05/04/2018،  فإن مجلس الدولة عاين  أن ولاية قسنطينة استلمت البضاعة بموجب وصل استلام  مؤشر عليه من طرفها  دون إبداء أي تحفظ  أثناء التسليم  و تبعا لذلك اعتبر أن دعوى الشركة المتعاقدة الرامية إلى إلزام الولاية بدفعها لها مستحقاتها هي دعوى مقبولة و  مؤسسة.

2-2- فسخ صفقة عمومية

 دقق مجلس الدولة قضائه في مجال فسخ الصفقات العمومية من طرف المصلحة المتعاقدة مع تحديده لآثار هذا الفسخ. لأسباب شتة ، قد تقرر المصلحة المتعاقدة فسخ  الصفقة العمومية المبرمة مع المتعامل المتعاقد ثم يلجأ هذا الأخير إلى المحكمة  الإدارية بدعوى يطلب فيها إلغاء قرار فسخ الصفقة العمومية مع تعويض عن الأضرار التي لحقت به جراء هذا الفسخ و قد وقع أن قبلت بعض المحاكم الإدارية  مثل هذه الدعاوى.

في قرا مؤرخ في 07/02/2019 ملف رقم 137243 نقض مجلس الدولة  الأحكام  الصادرة عن بعض المحاكم الإدارية التي قبلت دعاوى إلغاء قرارات فسخ الصفقات العمومية الصادرة عن المؤسسات العمومية  المتعاقدة  ، إذ  قضى بأن فسخ صفقة عمومية هو امتياز ممنوح للإدارة و هو غير قابل لدعوى الإلغاء. هذا القضاء الذي يمنع الجهات الفضائية الإدارية إلغاء قرارات فسخ الصفقات العمومية هو مطابق لقانون الصفقات العمومية المطبق  وقت صدور قرار مجلس الدولة أي المرسوم التنفيذي رقم 02-250 المؤرخ في 24 جويلية 2002 في مادته 99 و 100 ، و هي نفس النصوص التي مددت في قانون الصفقات العمومية الحالي أي المادة 149 و ما يليها من  المرسوم الرئاسي رقم 15-247 المؤرخ في 16 سبتمبر 2015 المتضمن تنظيم  الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام.   

في حالة ما قررت المصلحة المتعاقدة فسح الصفقة المبرمة مع متعامل متعاقد  من جانب واحد ، فإنه من حق هذا المتعامل المطالبة بمقابل الأشغال المنجزة و بقيمة السلع و العتاد المتروك بالورشة و هذا ما قضى به مجلس الدولة في قرار مؤرخ في  02 ماي 2019 ملف رقم 137510. كرس مجلس الدولة في هذا القرار مبدأ آخر سبق و أن قضى به في قرارات سابقة مفاده أنه في حالة ما إذا حرر كشف الحساب العام و النهائي بمعي و توقيع المتعامل المتعاقد ، فإن هذا الأخير يكون ملزما بما ذكر في هذا الكشف بالنسبة لكمية الأشغال المنجزة و قيمتها ، و تبعا لذاك لا يجوز  له أمام الجهة القضائية الإدارية  المطالبة بقيمة الأشغال المنجزة تفوق القيمة المحددة في هذا الكشف.

إذا قررت المصلحة المتعاقدة فسخ الصفقة العمومية مهما كان سبب الفسخ ، سواء كان ذلك على مسئولية المتعامل المتعاقد أو بدون مسؤولية ، فإنه يجب على الإدارة صاحبة المشروع  إعداد محضر  الأشغال  و تحديد قيمتها و هذا بحضور المتعامل المتعاقد  أو استدعائه قانونا،  و إذا لم يخضر المتعامل المتعاقد  يجب  في هذه الحالة إعداد هذا محضر  بحضور شاهد  تحضره الإدارة  صاحبة المشروع  و هذا عملا بأحكام المادة 43 من دفتر الشروط الإدارية العامة. هذه القواعد كرسها مجلس الدولة في قرار مؤرخ في 09 جويلية 2020 ملف رقم 154123.

تبعا للقضاء الذي كرسه مجلس الدولة  في قراره المؤرخ في 09 جويلية 2020  ، فلو قررت الإدارة المتعاقدة فسخ صفقة عمومية  دون إعداد محضر الأشغال المنجزة من طرف  المتعامل المتعاقد مع تحديد قيمتها ، أو إذا  أعد هذا المحضر دون استدعاء المتعامل المتعاقد استدعاءا قانونيا ، أو كذلك إذا  أعد هذا المحضر في غياب المتعامل المتعاقد  بعد استدعائه استدعاءا قانونيا و لكن دون حضور شاهد  ، فإن ذلك يترتب عليه  بطلان محضر الأشغال  المنجزة و قيمتها و بالتبعية يجب عدم الاعتماد على حسابات  الإدارة المتعاقدة المبينة في هذا المحضر.   

وقائع القضية التي صدر فيها قرار مجلس الدولة المؤرخ في 09 جويلية 2020 تتلخص في أن ديون الترقية و التسيير العقاري لولاية باتنة أبرم مع شركة مختصة في أشغال البناء صفقة عمومية لإنجاز سكنات اجتماعية في أجل 14 شهرا ، و بعدما تأخرت الشركة  المتعاقدة في تنفيذ هذا لمشروع  رغم اعذارها ، قرر ديوان الترقية و التسيير العقاري فسخ  هذه الصفقة مع تحريره للحساب العام النهائي حدد فيه قيمة  الأشغال المنجزة  و قيمة  الأشغال المنجزة  غير المسددة  و مبلغ خصم الضمان و عقوبة التأخير. رفع  ديوان الترقية و التسيير العقاري دعوى أمام المحكمة الإدارية بباتنة طلب فيها إلزام الشركة المتعاقدة بدفع  مستحقاته  و فصلا في هذه الدعوى  أصدرت المحكمة الإدارية بباتنة حكما قضى برفض الدعوى لعدم التأسيس تم استئنافه أمام مجلس الدولة من طرف ديوان الترقية و التسيير العقاري فصدر القرار المؤرخ في 09 جويلية   2020 قضى بتأييد الحكم المستأنف و ذلك   ارتكازا على الأسباب التي سبق عرضها .   

قرار مجلس الدولة المؤرخ في 09 جويلية 2020 أقر مبدأ آخرا مفاده أنه و إن كان من حق المصلحة المتعاقدة تسليط عقوبات مالية عن عدم تنفيذ الالتزامات التعاقدية من قبل المتعامل  المتعاقد  في الآجال المقررة (غرامات التأخير) وهذا طبقا للمادة 147 من المرسوم الرئاسي رقم 15-247  فإن هذه الغرامات المالية تحسب  فقط في حالة إنهاء المشروع  خارج الآجال المتفق عليها ، و لذلك لا يجوز تسليطها في حالة فسخ الصفقة العمومية قبل تنفيذها كليا إذ في هذه الحالة تطبق الآثار المترتبة عن الفسخ و ليس تلك المترتبة عن إنهاء المشروع خارج الآجال المتفق عليها.

 

الأستاذ براهيمي محمد

محامي لدى مجلس قضاء البويرة

brahimimohamed54@gmail.com

Date de dernière mise à jour : 22/03/2024